حال النفس والجسد في الحياة الدنيا وفِي البرزخ وفِي البعث :

 بيان الى علماء الأمة  وجميع الطوائف الدينية  وأهل الكتاب 
حال النفس والجسد في الحياة الدنيا وفِي البرزخ وفِي البعث 




بقلم. المستشار محمد مجدي رياض عبدالمنعم ادريس(ابو عبدالله) المدينة الجوية





____________________________________
خلق الله تعالى الإنسان من (زوجين) :- قال تعالى" وخلقناكم أزواجا(8) وجعلنا نومكم سباتا(9)النبأ
- اي (انفس"نسم وارواح")مخلوقه بالنفخة
- (واجساد) مخلوقه بالكلمة" كن"

الشاهد:
قال الإمام أحمد حدثنا وكيع وأبو جعفر وعبيدة المعنى قالوا حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قام فينا رسول الله صل الله عليه وسلم بموعظة فقال إنكم محشورون إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا (كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) وذكر تمام الحديث أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة ذكره البخاري
ففي الحديث في مسند أحمد : قَالَ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِ قٍ عَنْ رَجُلٍ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَتَى جُعِلْتَ نَبِيًّا " قَالَ وَادم بَيْنَ الروح والجسد ".
.__________________________________________________
الخلاصة :
جميع الخلق للبشر خلقوا (اجساد) و(ارواح):وذلك على النحو التالي :-

&- اولا- حال الانفس والأجساد في الحياة الدنيا:
-------------------------------------
قال تعالى : و(خلقناكم أزواجا)(8) وجعلنا نومكم سباتا(9)النبأ
( لبيان حركة عناصر الإنسان عند نومه) انفس وأجساد ( انتهى)
وذلك كقوله تعالى " وإذا النفوس زوجت" التكوير ) أي : زوجت بالأبدان ....
قال أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري أيضا أي زوجت بالأبدان.

النتيجة:
- وقال تعالى : {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون} الذاريات اي ( ارواح وأبدان) لعلكم تذكرون
- وقوله تعالى : ( سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) يس/ 36 ،
- وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا) النبأ/ 8 ،

الخلاصة:
معنى ألأزوج يختلف بحسب قصد المشرع:
فأما ان يأتي بمعني (الزوج والزوجه) او (بالروح والجسد)
- قال تعالى  : "وخلقناكم أزواجا وجعلنا نومكم سباتا" وذلك كقوله:( وإذا النفوس زوجت) اي زوجت بالأبدان
- وكقوله " هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَ،،،" خلق الانفس للبشر والزوجه
- وقوله عز وجل : (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ) النحل/ 72 ، ( خلق انفس )
- وقوله تعالى: { ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً} أي خلق لكم من جنسكم إناثاً تكون لكم أزواجاً { لتسكنوا إليها} ،

النتيجة:
(كل شئ حي يجمع بين ( الجسم والروح )  من بعد نفخة الملك للأحياء للجسم
قال تعالى  (وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ )...
وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ ) يس/ 36 ،

الشاهد:
 من وظائف الملك الروحاني ميكائيل (عليه السلام):
إنزال المطر وإنبات النبات وجاء ايضا وميكائيل موكل بالقطر والمطر الذي فيه حياة الأبدان
-أبدان : الآدميين والحيوانات .

النتيجة:
قال تعالى  (وَإِنْ مِنْ شَيْء إِلَّا عِنْدنَا خَزَائِنه وَمَا نُنَزِّلهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُوم ( سورة الحجر )
كما قال { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء} [الشورى : 27].
وروي عن ابن مسعود والحكم بن عيينة وغيرهما أنه ليس عام أكثر مطرا من عام، ولكن الله يقسمه كيف شاء،
فيمطر قوم ويحرم آخرون، وربما كان المطر. في البحار والقفار
والخزائن جمع الخزائن  وهو الموضع الذي يستر فيه الإنسان ماله والخزانة أيضا مصدر خزن يخزن. وما كان في خزانة الإنسان كان معدا له. فكذلك ما يقدر عليه الرب فكأنه معد عنده؛ قاله القشيري
وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أنه قال :
في العرش مثال كل شيء خلقه الله في البر والبحر. وهو تأويل قوله تعالى { وإن من شيء إلا عندنا خزائنه} .
والإنزال بمعنى الإنشاء والإيجاد؛  كقوله { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج} وقوله { وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد} [الحديد : 25]. وقيل : الإنزال بمعنى الإعطاء، وسماه إنزالا لأن أحكام الله إنما تنزل من السماء..

الخلاصة:
خلق الله تعالى الإنسان من (نفس خلقت في السماء، واندمجت مع بذرة الجسد( بكن)  لتأتي عبر الذر بالأباء
و(الروح بالنفخة ) حيث يأتي الملك بالروح من المستودع بالسماء لينفخها في النطفة ليحي  الجسد والنفس  .

&- ثانيا الانفس والأجساد فِي الموت:
-------------------------------
قال تعالى؛ " كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (26) وَقِيلَ مَنْ ۜ رَاقٍ (27) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (28) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30) الانسان

في الموت يتم التفريق بين (النفس) وبين ( الروح ) المخلوقتين من النفخة بعد خروجها من الجسد مدمجتين
 ليتحقق الموت بالسماء الأولي بالفصل بينهما لتكون نسم وارواح
فقد أسند الإمام الطبري بتفسيره عن السماء الأولى بقوله تعالى : (فيها يفرق كل أمر حكيم)
 في هذه الليلة المباركة يقضى( ويفصل ) لكل (أمر أحكمه) الله تعالى في تلك السنة إلى مثلها من السنة الأخرى.(انتهى)
الشاهد:
في قوله ( فيها ،،، يفرق كل أمر حكيم )
اي  يتم التفريق (بالفصل)  في السماء الاولي بقوله  (كل امر حكيم) اي (بأوامر الله المحكمة) ،،،

أي التفريق : بين امر الله( بالكلمه وكلمته "كن" ) وأمر الله (بالنفخة ) وفقا للتالي:-
بطلوع النفس والروح للسماء مدمجتين يتم التفريق بينهما :
١ - بين امر الله بالكلمة (وكلمته كن) : ومنها خلق بذرة الجسد من التراب  وألحقت بها بالذر (النسمة)مع امر كن لتكون نفسا مكتملة عند النفخ فيها.

٢-  وبين امر الله (بالنفخة ) لخلق الروح التي ينفخها الملك في النطفة لتحيا

الخلاصة:
يتم التفريق بين "الروح والنفس" في السماء الاولي (ليتحقق الموت)حيث تعد قبل التفريق بينهما (وفاة) فقط
- كقوله تعالى "هو الذي (يتوفاكم) في منامكم"   الى الان لم يتحقق الموت الا بعد الفصل بينهما
- وكقوله( إذ قال الله يا عيسى (إني متوفيك) ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون ( 55 ) ) آل عمران(وفاة فقط)
- وقوله تعالى ( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله( أموات )بل أحياء ولكن (لا تشعرون) )البقرة،،، ( وفاة فقط)

وفِي التفسير عند القرطبيى :
في قوله سبحانه وتعالى : {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} [الزمر: 42]
فاستعمل الوفاة في الحالين: النوم والموت؛ لأن النوم أخو الموت؛ كما قال صلى الله عليه وسلم لما سُئل: أفي الجنة نوم؟ قال: ((لا .. النوم أخو الموت))[1]، والجنة لا موت فيها.‌

النتيجة :
هناك تفريق بين الوفاة وبين الموت:
فالوفاة تكون للنائم وتكون أيضا الدرجة الآولي (للميت) قبل الفصل بين (روحه ونفسه) من بعد خروجهما (مدمجتين) من الجسد. وعند الفصل بينهما يتحقق الموت فسبحان الذي فلق الحبة وبرأ النسمة

الشاهد
قال تعالي: (فيمسك الذي قضى عليها الموت ويرسل الآخرى ) الزمر.
 يقول بأن عباس بأن قوله تعالى (فيمسك الذي قضى عليها الموت ويرسل الآخرى ): بالتفريق بين النفس والروح.

النتيجة :
تخرج النفس والروح من الجسد مدمجتين وتسمى وفاة وعند التفريق بينهما في السماء الأولى أصبحت الوفاة موت

الخلاصة:
الموت يكون عند الفصل بين (الروح والنفس):
- قال تعالى:" الله ( يتوفى ) الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ( فيمسك ) التي قضى عليها الموت (ويرسل الأخرى) إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ( 42 )" الزمر .

- وكان النبي صل الله عليه وسلم  يقول : "سبحان الذي فلق الحبة وبرأ النسمة" وما رواه مسلم في صحيحه عن ـ علي رضي الله عنه بلفظ: والذي فلق الحبة (وبرأ النسمة) إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليَّ أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

النتيجة:
( لبيان الفصل بين (النفس والروح)  عند الموت في السماء الدنيا الذي (يفرق فيها كل امر حكيم) اي بين (امر الكلمه  كن (التي اتت مع بذرة خلق الجسد بأمر كن للنفس) وبين (امر النفخة بالروح) ليتحقق الموت بالفصل بينهما ( الروح والنفس)
لتبرأ النسمة من الحبة عند الموت  وإلا كانت (وفاة فقط ) اذا لم يتم الفصل بينهـما.
فمن النسم ماورد عنها من احاديث عن المؤمنين تسرح نسمهم في حويصلات طيور في الجنه بمجرد موته.

& - فعن النسم التي فصلت بالموت ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إنما (نسمة) المسلم طير يعلق في شجر الجنة، حتى يرجعها الله إلى جسده إلى يوم القيامة)) رواه أحمد

&- اما المتوفين الأحياء في حياة البرزخ فلم يفصل بين النفس والروح
- عيسى عليه السلام متوفى وليس بميت في حياة البرزخ قال تعالى:(وأني متوفيك ورافعك الي)
  - وقال تعالى: وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا (بَلْ أَحْيَاء) عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران: 16]،
وقد سأل مسروق عبد الله بن مسعود عن هذه الآية، فقال: ((إنا قد سألنا عن ذلك، فقال: " أرواحهم في أجواف طير خضر، لها قناديل معلقة بالعرش، تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل)) رواه مسلم في صحيحه

والفرق بين أرواح المؤمنين وأرواح الشهداء في حياة البرزخ ، أن أرواح الشهداء في حواصل طير خضر تسرح متنقلة في رياض الجنة، وتأوي إلى قناديل معلقة في العرش، أما أرواح المؤمنين فإنها في أجواف طير يعلق ثمر الجنة ولا ينتقل في أرجائه.
وكذلك قوله تعالى عن الشهداء ( ولاتحسب الذين قتلوا في سبيل الله امواتا ولكن احياء ولاتشعرون )البقرة

الخلاصة :
الشهداء وكذلك عيسى عليه السلام بأنهم (متوفين وليسوا ميتين) في عالم البرزخ فلم يفصل بين (الروح والنفس)
قال تعالى " وأني متوفيك ورافعك ،،، " وقال "ولاتحسب الذين قتلوا في سبيل الله امواتا ولكن احياء ولاتشعرون "
-------------------------------------------
مختصر حال البشر من بعد الموت في حياة البرزخ والبعث
-------------------------------------------
قال تعالى : "وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم"
الشاهد:
ينقسم البشر من بعد الوفاة والبعث الى ثلاث أزواج ( انفس وأجساد )
------------------------------------------------------
اولا: أزواج اهل السابقون ،،،
وهم النَّبِيِّن والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أؤلئك رفيقا،،،
وعددهم خمس فئات ،،،
- فمنهم من يموت ليفصل بين (روحه ونفسه) في السماء الدنيا الذي (يفرق فيها كل امر حكيم،،،) لتسمى النفس بعد الفصل (نسمه) لتكون النسمة في حصاله طيور خضر في الجنه فسبحان الذي فلق الحبة وبرأ النسمة
- ومنهم من توفي ولم يمت كالشهداء فهم احياء يرزقون ،،، ولكن لاتشعرون ،،،اي لا يفصل بين (النفس والروح) ولا يتحقق الموت كعيسى عليه السلام متوفى وليس ميت ،،، قال تعالى :فأني متوفيك ورافعك عندي
- اما اجساد السابقون جميعا ففي القبور من بعد الموت دون الانفس ،،،، فأنفسهم تسبقهم للجنة الفضية (عليين ) قوارير من فضة بيضاء منعمين الى حين البعث ،،، فلا يتعرضون لفتنة القبر ،،، فلا يروا ،،، ناكر ونكير
لعدم وجود أنفسهم بالقبور فهم اهل عليين من بعد الموت لحين البعث والحساب ،،، بقيام الاجساد من القبور لتتلبس الانفس من بعد نزولها من عليين بالإجساد الذي تقوم من القبور ليجمع بينهما من بعد الحساب للدخول للجنة الذهبية
-------------------------------------------------------
ثانيا -أزواج اهل الميمنة وهم ثلاث فرق .
منهم ،،، مقتصد ،، وظالم لنفسه ،،، وسابق بالخيرات
أعلاهم السابق بالخيرات مثل المجاهد في سبيل الله بنفسه وماله ولم يمت مثل خالد بن الوليد
في قوله تعالى:
قال تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير جنات عدن يدخلونها ..)
وهم ثلاثة أقسام:
الأول :-
الظالم لنفسه وهو الذي يطيع الله، ولكنه يعصيه أيضاً ..!
والثاني :-
المقتصد وهو الذي يطيع الله، ولا يعصيه، ولكنه لا يتقرب بالنوافل من الطاعات..
والثالث :-
السابق بالخيرات وهو الذي يأتي بالواجبات، ويجتنب المحرمات، ويتقرب إلى الله بالطاعات والقربات التي هي غير واجبة.
( ثم وعد الجميع بجنات عدن كل بحسب عمله من الازواج وهو لا يخلف الميعاد في قوله:
(جنات عدن يدخلونها....))
والواو في ( يدخلونها ) ..
شاملة: للظالم والمقتصد والسابق على التحقيق،وهم عامة البشر كل بحسب الدرجه ومن المقدم والمؤخر منهما للنفس والجسد (ويحرم صورهم على النار)
---------------------------------------------------
ثالثا -أزواج اهل المشئمة ،،،
١-الكافر العادي  ،،،
٢-والكافر المجرم كفرعون :وهو لا يطلع للسماء للتفريق بين روحه ونفسه والتي  قال تعالى  (يفرق فيها كل امر حكيم) من بعد موته ،،،،، وقوله (حتى يلج الجمل سم الخياط) ،،،
ليظل حي بالأرض(نفسا وروحا) ليقام عليه العذاب الى يوم البعث ،،،، (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم القيامه ادخلوا اهل فرعون أشد العذاب)،،،،،

.________________________________________________________________
&- ثانيا حال الانفس والأجساد فِي يوم  البعث والعرض :
--------------------------------------
- عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ”كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب“ أخرجه البخاري والنسائي وأبو داود وابن ماجه وأحمد في المسند ومالك في الموطأ

-وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ” ثم ينزل من السماء (ماء فينبتون) كما تنبت البقل وليس في الإنسان شيء إلا بلى إلا عظم واحد وهو عجب الذنب – أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود والنسائي
وقال سبحانه وتعالى: { ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها (الماء) اهتزت وربت إن الذي أحياها (((لمحيي الموتى)))) إنه على كل شيء قدير}.

الشاهد:
- ففي خلق الإنسان قال تعالى "وخلقناكم أزواجا(8) النبأ
-   قال تعالى "وإذا النفوس زوجت"في تفسيربن كثير ج4 ص 477 قال: أي زوجت بالأبدان (أنتهى)
- وفي الآخرة قال تعالى "وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَة (7)الواقعة (الميمنة والمشأمة والسابقون)
 فالبشر في الآخرة( أزواجا ) يوم تأتي (الأنفس) وتنبت (الأجساد) من الأرض لتتزاوج كل نفس مع جسدها بعد الجمع  (حيث تركت النفس الجسد بعد الممات ) ليتم الجمع بينهما مرة اخرى (يوم الجمع ليجمعكم فيه)
قال تعالى : وكنتم (أزواجا) ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم،،،، اي كل فئة من الثلاث ( أنفس وأجساد )

النتيجة:
قال تعالى "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُون" النحل
في تفسير القرطبي :
قال ابن عباس في هذه الآية لقوله تعالى "يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ …"
 ما تزال الخصومة بالناس يوم القيامة حتى تخاصم الروح والجسد

فتقول الروح:
رب, الروح منك أنت خلقته, لم تكن لي يد أبطش بها, ولا رجل أمشي بها, ولا عين أبصر بها, ولا أذن أسمع بها ولا عقل أعقل به, حتى جئت فدخلت في هذا الجسد, فضعف عليه أنواع العذاب ونجني.

فيقول الجسد:
رب, أنت خلقتني بيدك فكنت كالخشبة, ليس لي يد أبطش بها, ولا قدم أسعى به, ولا بصر أبصر به, ولا سمع أسمع به, فجاء هذا كشعاع النور, فبه نطق لساني, وبه أبصرت عيني, وبه مشت رجلي, وبه سمعت أذني, فضعف عليه أنواع العذاب ونجني منه.
قال: فيضرب الله لهما مثلا أعمى ومقعدا دخلا بستانا فيه ثمار, فالأعمى لا يبصر الثمرة والمقعد لا ينالها, فنادى المقعد الأعمى ايتني فاحملني آكل وأطعمك, فدنا منه فحمله, فأصابوا من الثمرة; فعلى من يكون العذاب؟
قال: عليكما جميعا العذاب; ذكره الثعلبي (أنتهى كلامه)

النتيجة:
 الخطاب من الأنفس والأجساد لجلودهم  يوم القيامه:
- قال تعالى " وَجَاءَتْ كُلُّ "نَفْسٍ" مَعَهَا "سَائِقٌ"  "وَشَهِيدٌ" (21) فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22)وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ(23)أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ(24)مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيب ٍ(25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ(26) قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ(27) قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ(28)مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ"
- وقال تعالى "وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذى أنطق كل شىء وهو خلقكم أول مرة…) فصلت

فمازال الخلاف بين ( النفس )  وبين ( "العقل" وهو سائق الجسد)  على عمل تم إنجازه بأمر من أحدهما ،والآخر كان غير راضاً عن هذا العمل لمخافته من الله تعالى:
 (في رواية بن عباس) في قوله تعالى "من عمل سوءا او ظلم نفسه"
قال : العمل كالذي يسرق والظلم ان يشرك

الشاهد: لعمل الجسد والمسؤل عنه (العقل) سائق الجسد ، وعمل النفس المسؤل عنه ( القلب)
- كالذي يسرق ونفسه تلومه ورافضه لعمله تماما وتستغفر ربها،
- والعكس في الذي يعتقد بأعتقاد شركي في نفسه(مثل الشفاء من كرامات الأولياء)بالرغم من صلاته

السؤال : من المسئول منهما .( النفس ام الجسد):
-----------------------------------
الاجابة:
 1- قال تعالى (كل أمرئ بما كسب رهين) :
ففي التفسير جاء لفظ امرئ من مروءته أي عقله،(أنتهى)
الشاهد : فالعقل هو سائق الجسد وصاحب القرار المادي كقوله تعالى " أم تأمرهم أحلامهم " وبلوغ الحلم أي بلوغ سن الرشد للعقل
2- وقوله (وكل نفس بما كسبت رهينة).
فالنفس هي صاحبة الهوى وتأمر على عقلها بالسوء أو بالخير.
الشاهد : النفس رهينة بشركها والعقل رهين بأعماله (رجال الأعراف):

النتيجة: : الخطاب بالمثنى في المسئولية ( للنفس وللجسد)
 ف (النفس رهينة لجسدها بشركها )  و (العقل "ممثل الجسد" رهين بأعماله لنفسه ) .... وهم (رجال الأعراف)
&- قال تعالى"لقد جاءتمونا فرادا كما خلقناكم أول مرة…"وقوله(ونرثه ما يقول ويأتينا فردا).
&- وقال تعالى " حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون"النور
&- وقال تعالى " حتى إذا جآءنا قال يليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون " .الزخرف

الشاهد :
التفريق بين الأنفس والأجساد في الأخرة لأصحاب المعاصى،،،الخ
&- في صحيح مسلم : " عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ أَخْبِرُونِي عَنْ شَجَرَةٍ مَثَلُهَا مَثَلُ الْمُؤْمِنِ فَجَعَلَ الْقَوْمُ يَذْكُرُونَ شَجَرًا مِنْ شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَأُلْقِيَ فِي نَفْسِي أَوْ رُوعِيَ أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَجَعَلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَقُولَهَا فَإِذَا أَسْنَانُ الْقَوْمِ فَأَهَابُ أَنْ أَتَكَلَّمَ فَلَمَّا سَكَتُوا ،،،
، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَ اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ النَّخْلَةُ ،،،،"

&- وفي صحيح بن حبان : قال حدثني رفاعة بن عرابة الجهني قال صدرنا مع رسول الله صَلَ اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : من مكة فجعل ناس يستأذنون رسول الله صَلَ اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فجعل يأذن لهم،
فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : ما بال شق الشجرة التي تلي رسول الله أبغض إليكم من الشق الآخر قال فلم نر
من القوم إلا باكيا ،

قال" يقول أبو بكر إن الذي يستأذنك بعد هذا لسفيه في نفسي" فقام رسول الله صل الله عليه وسلم : فحمد الله وأثنى عليه وكان إذا حلف قال والذي نفسي بيده أشهد عند الله ما منكم من أحد يؤمن بالله ثم يسدد إلا سلك به في الجنة ولقد وعدني ربي أن يدخل من أمتي الجنة سبعين ألفا بغير حساب ولا عذاب وإني لأرجو أن لايدخلوها حتى تتبوؤوا أنتم ومن صلح من أزواجكم وذراريكم مساكن في الجنة ثم قال إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا فيقول لا أسأل عن عبادي غيري من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له من ذا الذي يدعوني فأستجيب له حتى ينفجر الصبح.  (انتهى)

الشاهد:
وقال تعالى (،،، ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون ( 93 )

ولقد (جئتمونا) فرادى (كما خلقناكم أول مرة) وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ( 94 ) ) الأَنْعَام،،،،
الشاهد :
في قوله تعالى جئتمونا. فرادًا  : اي (نفس وجسد) لكل شخص.

&-وفي صحيح البخاري: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ هُوَ ابْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا عَوْفٌ حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ حَدَّثَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صل الله عليه وسلم : لَنَا أَتَانِي اللَّيْلَةَ آتِيَانِ فَابْتَعَثَانِي فَانْتَهَيْنَا إِلَى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بِلَبِنِ ذَهَبٍ وَلَبِنِ فِضَّةٍ فَتَلَقَّانَا رِجَالٌ شَطْرٌ مِنْ خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ مَا أَنْتَ رَاءٍ وَشَطْرٌ كَأَقْبَحِ مَا أَنْتَ رَاءٍ قَالَا لَهُمُ اذْهَبُوا فَقَعُوا فِي ذَلِكَ النَّهْرِ فَوَقَعُوا فِيهِ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْنَا قَدْ ذَهَبَ ذَلِكَ السُّوءُ عَنْهُمْ فَصَارُوا فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ قَالَا لِي
  هَذِهِ جَنَّةُ عَدْنٍ وَهَذَاكَ مَنْزِلُكَ قَالَا أَمَّا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا شَطْرٌ مِنْهُمْ حَسَنٌ وَشَطْرٌ مِنْهُمْ قَبِيحٌ فَإِنَّهُمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًاتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهُمْ

&- الجزاء للزوجين 😞 النفس والجسد )
قال تعالى:
- فمن هو الذي له شهيق وزفير قال تعالى ( فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق ( 106 ) خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد )

- ومن هو الذي له فيها زفير فقط ولا يسمع في قوله تعالى (لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُون)

النتيجة :
ثبت في الحديث الصحيح  بأن الصالحين من المؤمنين يشفعون في إخوانهم الذين في النار وهم الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً.فيقول الله" من كان في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه من النار" الى أخر الحديث الى قوله
،،،  (ويحرم الله صورهم على النار)،

كان الخروج من النار كما ورد في الحديث  بتحريم (صورهم) فقط على النار وليس للإنسان بالكلية )
المقصود بصورة الإنسان من بعد خلقه في الآرض هي نفسه التي خلقت في السماء.  ؟؟؟
لقوله تعالى :
 " ولقد خلقناكم ثم (صورناكم) ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدي" الأعراف

النتيجة:
" وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ  "
المعنىى : الايمان معنوي ومحله النفس لتدخل النفس الجنه  وحيث يتبعها من الذر عقلها( سائق الجسد )لإيمانه فسيلحقها  للجنة لاحقا لكونه رهين بالمعاصي والذنوب،،،، لينطبق قوله( على سرر متقابلين، وأفئدتهم هواء)

وفِي الحديث قال عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا سعيد بن يزيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون ولكن ناس أو كما قال تصيبهم النار بذنوبهم أو قال بخطاياهم فيميتهم إماتة حتى إذا صاروا فحما أذن في الشفاعة فجئ بهم ضبائر ضبائر فنبتوا على أنهار الجنة فيقال يا أهل الجنة أفيضوا عليهم فينبتون نبات الحبة تكون في حميل السيل قال فقال رجل من القوم حينئذ كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كان بالبادية " تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم رجاله ثقات رجال الشيخين غير أبي نضرة فمن رجال مسلم

الخلاصة:
قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله..
قال القرطبي رحمه الله :
"قوله صلى الله عليه وسلم : ( لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) : يعني ما يعلم هو من أمور الآخرة وشدة أهوالها ، ومما أعد في النار من عذابها وأنكالها ، ومما أعد في الجنة من نعيمها وثوابها ، فإنه صلى الله عليه وسلم قد كان رأى كل ذلك مشاهدة وتحقيقا ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان ، قليل الضحك ، جُلُّه التبسم" انتهى .
.________________________________________________________

ماذا قال اهل الكتاب عن خلق النفس:
-----------------------------
 في الكتاب المقدس:
والإنسان من صنع الله كبقية المخلوقات (تك 1: 26). وقد خلقه الله ذكرًا وأنثى (تك 1: 17، مت19: 4-6). وقد جبل الرجل أولًا ثم الأنثى (حواء Eve) (تك 2: 7، 20-23؛ 1 تيموثاوس2: 13). وقد جبله اله من تراب الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة (تك 2: 7).

1 :27 فخلق الله الانسان على صورته على صورة الله (خلقه ذكرا و انثى خلقهم)
سفر التكوين' المقدس الاصحاح الاول 1 1 في البدء خلق الله السموات و الارض 1 2 و كانت الارض خربه و خاليه... من الارض و يسقي كل وجه الارض 2 7 و جبل الرب الاله ادم (ترابا) من الارض و (نفخ) في انفه (نسمه) حياه فصار ادم (نفسا)...
أنهم يظنونه أن كل عمل الحياة ينتهي بانفصال النفس عن الجسد[1193القديس يوحنا الذهبي
-----------------
قول النصارى في البعث والجنة والنار:

 ورد في (قاموس الكتاب المقدس): (تتضمن القيامة بحسب تعليم الكتاب المقدس قيامة الأجساد وتغيير هذه الأجساد وبقاءها إلى الأبد...). ثم قال: (ولقد عَلَّم المسيح بوضوح بأن الموتى سيقومون). كما أن النصارى يؤمنون بالنعيم الأبدي في الجنة والعذاب الأبدي في النار، كما جاء في (إنجيل متى) (25/34)

(ثم يقول الملك للذين عن يمينه: تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. ثم يقول أيضاً للذين عن اليسار: اذهبوا عني يا ملاعين إلى النار الأبدية المعدة لإبليس وملائكته... فيمضي هؤلاء إلى عذاب أبدي والأبرار إلى حياة أبدية). إلا أنهم يزعمون أن الجنة ليس فيها أكل ولا شرب ولا نكاح ولا شيء من المتع الحسية، وإنما يعتقدون أن المتعة تكون برؤية الله فقط. فلهذا يقول ميخائيل مينا: (إن نعيم الأبرار هو عبارة عن اتصالهم بالله ورؤيتهم جلاله، ورؤية الله هي الجزاء الأعظم الفائق كل خير الذي  يملأ رغبة كل إنسان، ويشبع شهوات نفسه، بل هو سعادته النهائية المشتهاة من كل مشاعره، والتي إليه تتجه كل أشواق قلبه).  وإنكارهم هذا يعود إلى أنهم يرون أن الأجساد يوم القيامة ستكون أجساداً روحانية لا تحتاج إلى الطعام والشراب، وليس فيها شهوة الجماع، ولا فرق فيها بين جسد المرأة وجسد الرجل. ويستدلون لذلك بنصين: أحدهما في (إنجيل متَّى) (22/29) وفيه يقول المسيح: (لأنهم في القيامة لا يزوجون ولا يتزوجون، بل يكونون كملائكة الله في السماء). والآخر من كلام بولس في كورنثوس الأولى (15/44) وهو يتحدث عن قيامة الأموات(((( (يزرع جسماً حيوانياً ويقام جسماً روحانياً)))).
وهذا الكلام من بولس لا دليل له عليه، وهو من اختراعاته وافتراءاته العديدة.
أما النص المنسوب إلى المسيح فليس فيه سوى نفي الزواج، وليس فيه نفي الطعام والشراب، وقد ثبت في نصوص الأناجيل إثبات الطعام والشراب في الآخرة، فقد ذكر (لوقا) في (22/29): أن المسيح قال لتلاميذه الذين يؤمنون به: (وأنا أجعل لكم كما جعل لي أبي ملكوتـا لتأكلوا وتشربوا على مائدتي، وتجلسوا على كراسي تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر).
وفي (إنجيل متى) (26/29) أن المسيح قال لتلاميذه بعد آخر شراب شربه معهم: (وأقول لكم: إني من الآن لا أشرب من نتاج الكرمة هذا إلى ذلك اليوم حينما أشربه معكم جديداً في ملكوت أبي).
فهذه النصوص تعارض ذلك النص السابق الذي ينكر النعيم الحسي، وتدل على عدم صحته؛ لأن الحق أن أهل الجنة يتنعمون فيها نعيماً كاملاً، ذكره الله عزَّ وجلَّ في القرآن الكريم، وبيَّنه النبي محمد صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً، وليس هناك مانع عقلي منه، والله على كل شيء قدير وفضله عظيم .
 (1)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى قوله تعالى : "يفرقون بين المرء وزوجه"

من اسرار القرآن الكريم والانجيل الحور العين

إيضاح البيان لأسرار القرآن عن معرفة المحكم والمتشابه وسر الحروف المقطعة