كيفية نزول امر الله تعالي وتدبيره بين السموات و الارض


من سلسلة الكشف عن اسرار القرآن الكريم:
  كيفية نزول امر الله تعالي وتدبيره بين السموات و الارض:




بقلم المستشار محمد مجدي رياض عبدالمنعم ادريس (آلو عبدالله ) المدينة الجوية 



---------------------------------------------------
قال الله تعالى"الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن (يتنزل الأمر بينهن) لتعلموا أن الله على كل شيء قدير".




السؤال: 
ماهي أوامر الله تعالى في قوله تعالى {يتنزل الأمر بينهن}؟ 
لكي نعرف كيفية نزولها بين السموات والارض 




الإجابة: 
في البداية يجب ان نعرف بأن "أوامر الله التي جاءت في النصوص الشرعية تنقسم إلى قسمين:

أولا : أمر الله تعالى بالكلمة " كن"
---------------------------
قال الرسول صلى الله عليه وسلم"خزائن الله الكلام,
فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان".

-وكلمة الله تلقى: كقوله تعالى" وكلمته ألقاها إلى مريم…"  لتخليق الجسد لعيسى عليه السلام  قال تعالى"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ادم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون"آل عمران
- وكذلك كقوله (والملقيات ذكرى) الملائكه تلقي القرآن 

ثانيا :امر الله بالنفخة
------------------
الروح أمر من أوامر الله تعالى (أي من شرعه )
الشاهد :
1-قوله تعالى : قل الروح من (أمر ربي )،
2-وقوله" يلقى الروح (من أمره)"،( استثناء حالة التلبس)
3-وقوله"وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا (مِنْ أَمْرِنَا) مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ " الشورى

الشاهد:
الروح (أمر من أوامر الله) ولكنه يأتي بالنفخ 
قال تعالى:فَإِذَا ّسَوَيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ

النتيجة:
هناك صنفان من الملائكة قائمين على تنفيذ أوامر الله:

1-       ملائكة أمر الكلمة "كن"
2-        ملائكة أمر النفخة وهم (الرسل الروحانيون)
أولا :ملائكة أمر الكلمة :
- ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"خلقت الملائكة من نور وخلق ابليس من مارج من نار وخلق ادم مما وصف لكم".(انتهى كلامه)
-وعن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو قال: قالت الملائكة يا رب جعلت لبني ادم الدنيا فهم يأكلون ويشربون ويتزوجون فاجعل لنا الآخرة فقال لا أفعل فراجعوا ثلاثا فقال لا أجعل من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان، ثم قرأ عبد الله "والسابقون السابقون أولئك المقربون (وقد روى هذا الأثر الإمام عثمان بن سعيد الدارمي في تفسير بن كثيرج4ص284).
&- ولمعرفة أمر الله بالكلمة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خزائن الله الكلام، فإذا أراد شيئاً قال له كن فكان" وقوله تعالى "بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ".
&- ومثال لألقاء أمر الكلمة : قال تعالى "…إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ …"النساء
الشاهد: فكلمة الله التي ألقاها لمريم كانت لتخليق جسد عيسى عليه السلام ولمعرفة أن الكلمة التي ألقيت لمريم كانت لتخليق جسد عيسى عليه السلام في قوله تعالى " إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ ادم خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ(59)"آل عمران.
&- ولمعرفة النزول لأمر الله :
قال تعالى"الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير".
oقال تعالى"فالملقيات ذكرا"5 المرسلات في تفسير الطبري :
عن قتادة قال الملائكة تلقي القرآن.
النتيجة:"فالملقيات ذكرا"،"فالتاليات ذكرا"هم من الملائكة المكلفون لألقاء كلام الله وأوامره.
(فاللوح المحفوظ والقلم خلقهما الله بأمر الكلمة كن كما جاء بالأحاديث)

ثانيا:ملائكة أمر النفخة "الروحانيون":
&- ففي تفسير القرطبي ج20 ص 113: حكى القشيري أنالروح صنف من الملائكة جعلوا حفظة على سائرهم وأن الملائكة لا يرونهم كما لا نرى نحن الملائكة وقال مقاتل هم أشرف الملائكة وأقربهم من الله تعالى وقيل إنهم جند من جند الله عز وجل من غير الملائكة رواه مجاهد عن إبن عباس.
&- في لسان العرب:
قال النضر في كتاب الحروف المفسرة من غريب الحديث أنه قال حدثنا عوف الأعرابي عن وردان بن خالد قال بلغني أن الملائكة منهم روحانيون ومنهم من خلق من النورقال ومن الروحانيين جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهم السلام.

- قال الأزهري وهذا القول في الروحانيين"أن الروحاني الذي نفخ فيه الروحوفي الحديث الملائكة الروحانيون يروى بضم الراء وفتحها كأنه نسب إلى الروح أو الروح وهو نسيم الريح والألف والنون من زيادات النسب ويريد به أنهم أجسام لطيفة لا يدركها البصر.(أنتهي كلامه)

الشاهد:
سبق الإشارة بأن هناك ملائكة مخلقين من الكلمة، وأخريين مخلقين من النفخة
وهم (الروحانيين) ومثال لذلك:
-قال تعالى(ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا) التحريم
-وقوله" فأرسلنا إليهاروحنا فتمثل لها بشرا سوياقالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياقال إنماأنارسولربك لأهب لك غلاما زكيا.." مريم
-وقال تعالى "وكذلك أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا "فالقرآن الموحي به للرسول صلى الله عليه وسلم قال عنه" رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا "لكونه ينفث من الروحانيون (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين)
- وفي التنزيل يظهر الأمر بالنفخ لعيسى عليه السلام  في الطين " قال تعالى ( فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله)
النتيجة: 
النفخ في اللغة جاء بمعني الروح فالروح بالضم في كلام العرب النفخ سمي روحا لأنه ريح يخرج من الروح….الخ.
- والنفث هو أقل من النفخ شبيه بعمل الراقي( تفل).
-وقال السهيلي في تفسير بن كثير على  أن المراد بقوله
( قل الروح من أمر ربي ) أي من شرعه (انتهى كلامه)….(أي من أمره)

النتيجة :
الروحانيون هم القائمون على تنفيذ أمر الله بالنفخ ، فأسرافيل عليه السلام الموكل بالنفخ في الصور وملك الموت الموكل بنزع الروح وجبريل الروح الأمين ..الخ
الشاهد: 
- في مسند أحمد بن حنبل ج5 ص 215 قال:حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت ان أباه قال رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسل مفأخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الروح لا يلقى الروح واقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه هكذا فوضع جبهته على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم".

النتيجة:
الروح لايلقي كلمة الله وإنما ينفخها أو ينفثها،فالروحانيون غير موكلون بالإلقاء لكلمة الله فهناك صنف آخر للملائكة "المخلقون بكن وهم موكلون بالإلقاء لكلمة الله (كالملقيات ذكرا) .
ولذلك جاء الحديث بان الروح لا يلقى الروح لأن الروح ينفخ أو ينفث أوامر الله ومنه قوله صلى الله عليه وسلم ( إن روح القدس نفث في روعي إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب خذوا ما حل ودعوا ما حرم( أو من وراء حجاب)أخرجه بن أبي الدنيا في القناعة وصححه الحاكم وذكر بفتح الباري
قال تعالى:  ،،،،، فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) 

النتيجة: 
أظهرت النصوص بأن:
- أوامر الكلمة "كن" تلقى من الملائكة.
-وأوامر النفخة فهي تنفخ أو تنفث من الروح(الروحانيون)
-فقول الرسول صلى الله عليه وسلم ان الروح لا يلقى الروح.." (أنتهي) لأن الروح  ينفخ وينفث ولا يلقي
كالنفخ في الصور وكالايحاء (نفث أقل من النفخ) والنفخ في الريح وفي نفخ الروح ،،،،،الخ

لذالك قال تعالى: قال تعالى " فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12)فصلت
- في تفسير بن كثير قال: 
خلق الله في كل سماء خلقها من الملائكة والخلق الذي فيها.الخ(أنتهي)
- وفي القرطبي:
 قال وقيل أوحى الله في كل سماء أي أوحى فيها ما أراده وما أمر به فيها والإيحاء قد يكون أمرالقوله بأن ربك أوحى لها الزلزلة .

النتيجة : قال تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون 5
 يدبر الأمر أي يحكم الأمر وينزل القضاء والقدر ...

أنتهى

----
من كتابي اجلاء الغمة من فكر الامة 
كبيانات لآخر الزمان
بقلم العبد الفقير الى الله
المستشار محمد مجدي رياض عبدالمنعم أدريس
ابو عبدالله من ابناء المدينة الجوية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى قوله تعالى : "يفرقون بين المرء وزوجه"

من اسرار القرآن الكريم والانجيل الحور العين

إيضاح البيان لأسرار القرآن عن معرفة المحكم والمتشابه وسر الحروف المقطعة