كيفية خلق عيسى عليه السلام في الاسلام وفِي المسيحية





خلق عيسى عليه السلام  في الاسلام وفِي المسيحية
بقلم المستشار محمد مجدي رياض عبد المنعم ادريس 
(ابو عبدالله ) المدينة الجوية
.
.




خلق عيسى عليه السلام في الاسلام :
--------------------------------------
&- قال تعالى: (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ)
- قال  تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ {النساء:171}، 
- وقال تعالى : إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ {آل عمران:45}

&- وفي الحديث المرفوع عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : 
" مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ ، (وَكَلِمَتُهُ- أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ )، وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ مِنْ أَبْوَابِهَا الثَّمَانِيَةِ أَيِّهَا شَاءَ " . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ  ،،،،

&- وفِي صحيح مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته (وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه) وأن الجنة حق وأن النار حق أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء وحدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا مبشر بن إسمعيل عن الأوزاعي عن عمير بن هانئ في هذا الإسناد بمثله غير أنه قال أدخله الله الجنة على ما كان من عمل ولم يذكر من أي أبواب الجنة الثمانية شاء.

الشاهد:
قوله تعالى (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ) 
وهي تنقسم الى جزئين لأمر الله في خلق البشر:
------------------------------------
اولا : امر الله بالكلمة وكلمة الله " كن " 
----------------------------
وذلك في قوله (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ)  لتكون (كلمة الله  كن) في تخليق (الجسد) لعيسى عليه السلام  والتي كانت مستودعة في السماء من يوم الأشهاد والذر قال تعالى:-
وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين "الاعراف  
 (( وفيها ذَر -بذرة- الاجساد بالإضافة الى النفس التي تحمل الآمانة)) ليتم ايداعهم  في ادم لياتي البشر بالتناسل عبر الأباء والامهات الا بمن  احتفظ بكلمتهم (بذرهم) في السماء كعيسى عليه السلام 

&- وفي قوله (وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) وهي من مهام الملائكة في تنفيذ أوامر الله (بالإلقاء) 
ففي قوله تعالى( وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا) بيان لكيفية تنفيذ الآمر (بالألقاء) لاوامر الله وذلك بواسطة ملائكة مهمتهم (الإلقاء) لأوامر الله وكلامه (بأمر كن) قال تعالى(والملقيات ذكرا) في التفسير الملائكة تلقي القرآن.

ثانيا: امر الله بالنفخة:  وذلك في قوله تعالى: (وَرُوحٌ مِنْهُ)
-----------------------------------------
وذلك مثل قوله تعالى: "،،،، (وَنَفَخْتُ فِيهِ) مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " ،
فالنفخ في اللغة جاء بمعني الروح، والنفخ سمي روحا لأنه ريح يخرج من الروح ( عبر الروحانيين)
فالروح من شرع الله :
اي امر من أوامر الله وشرعه،ولكنه يأتي عبرالنفخ من الروحانيين الموكلون على  النفخ لأمر الله.
-  قال تعالى: " قل الروح من (( امر ربي )) " 
- وقوله: " يلقى الروح من (( أمره )) 
- وقوله "وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ (( أَمْرِنَا )) ،،،،،، 

النتيجة 
فالروح  امر من أوامر الله وشرعه  ولكنه يأتي عبر النفخ من الروحانيين:
قال تعالى : " فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا ( رُوحَنَا ) فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17)مريم 
 فكلمة (روحنا ) هو روح القدس( فتمثل له بشرا سويا)) 
فهو الرسول الروحاني في قوله تعالى ( إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (19) ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (21) وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ (22)التكوير( وله بحث مستقل)

&- فمهام الروحانيين هو تنفيذ أوامر الله وقوله ولكن بالنفخ:-
فالروحاني (إسرافيل عليه السلام) مهمته النفخ في الصور لقيام الساعة ، و ( روح القدس ) نفخ الاروح ونفخ القوة بالمعجزات بالوصال بين السماء والارض وكذلك (كحجاب النور) لرؤية الله تعالى وكلامه من خلاله ،،، ويأتي شرحه لاحقا،، ، (والروح الأمين جبريل عليه السلام  ) في الإيحاء كنفث اقل من النفخة والرحمة كنفحه اقل من النفخة ونفخ الريح كعذاب ، والروحاني( ميكائيل عليه السلام ) لنفخ  الروح للنبات والحيوان،،،(والروحاني ملك الموت ) لقبض الارواح 

السؤال  ماهو الفارق بين الملائكة والروحانيين؟؟؟ 
قال تعالى (،،،،تعرج (الملائكة) و(الروح) إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ) المعارج 

الإجابة: 
حكي القشيري أن (الروحانيون) صنف من الملائكة جعلوا حفظة على سائرهم وأن (الملائكة لا يرونهم) كما لا نرى نحن الملائكة وقال مقاتل هم أشرف الملائكة وأقربهم من الله تعالى وقيل إنهم جند من جند الله عز وجل من غير الملائكة رواه مجاهد عن ابن عباس مرفوعا ذكره الماوردي ...الخ 
ويظهر الفارق بينهما في قوله تعالى ( يوم يقوم (الروح) و (الملائكة) صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " 
-------------------------------------------------------------
الخلاصة:
  أولا: هناك الملائكة:    
------------------                               
 وهم مخلقون بكلمة الله (كن) (ففي حديث الملائكة لله تعالى  بقولهم عن آدم وذريته ... فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة فقال الله عز وجل "لا أجعل من خلقته بيدي كمن قلت له كن فكان..."  
& وظيفة الملائكة: منهم الموكلون بإلقاء كلمة الله : "كالملقيات ذكرا" وكقوله "وكلمته القاها الى مريم"  

ثانيا: هناك الروحانيون : 
-----------------------
    "وهم الموكلون على النفخ أو النفث (وهو أقل من النفخ كالتفل) لأوامر الله"
  كالنفخ في الصور وعليه ( إسرافيل ) و(الروح الأمين "جبريل عليه السلام" )وهو موكل على الإيحاء(كنفث ينفث) وكذلك الرحمة (كنفحة) والريح (كنفخة ) وكذلك  (ملك الموت) على الأرواح وروح القدس  
قال تعالى.(فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا إليها ((روحنا فتمثل لها بشرا سويا))  وكذلك باقي الروحانيين 
&-  وظيفة الروحانيون: 
هم الموكلون لتنفيذ امر الله ولكن بالنفخ(وهي نفخة تخرج من الروح كما جاء في التفسير) وهم مخلوقون من نفخة الله 

الشاهد:
- الروحانيون غير موكلون بالإلقاء لكلمة الله فهناك صنف آخر للملائكة "المخلقون( بكن) هم الموكلون بالإلقاء لكلمة الله (كالملقيات ذكرا) فكلمة الله تلقى قال تعالى (وكلمته القاها الى مريم )وكذلك ( القرآن الكريم ألقي من اللوح المحفوظ للسماء الدنيا )،             .

- أما النفخة التي ينفخها (الروحاني)  لا يلقى بها من السماء (فالروح لا يلقى الروح)  التي نفخها من السماء ولكن يجب نزوله للأرض لينفخ بما أمره الله . 

الشاهد: 
ففي مسند أحمد بن حنبل قال:حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت ان أباه قال رأيت في المنام كأني أسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرت بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال:( ان الروح لا يلقى الروح) واقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه هكذا فوضع جبهته على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم
--------------------------------------------------------
 س- السؤال أذا كان الروح لا يلقي الروح كما قال الرسول صل الله عليه وسلم 

فكيف تتنزل الروح المنفوخة أو المنفوثة إلى الأرض.؟
  & - في تفسير الطبري قال: في قوله تعالى:
 "يوم يقوم (الروح) و(الملائكة) صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن في الكلام وقال صوابا "
روى بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الروح) في هذه الآية جند من جنود الله تعالى( ليسوا ملائكة ) لهم رؤوس وأيد وأرجل ،،،،( ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا فإن هؤلاء جند وهؤلاء جند وهذا قول أبي صالح ومجاهد ،،، 
وقال العوفي والقرظي هذا مما كان (يكتمه) بن عباس قال الروح خلق من خلق الله على صور بني آدم 
(وما نزل ملك) من السماء (إلا ومعه واحد من الروح) السابع أرواح بني آدم تقوم صفا فتقوم الملائكة صفا وذلك بين النفختين قبل أن ترد إلى الأجساد

النتيجة
  . يتنزل الروحاني متلبس بأبدان ملائكة الكلمة وملائكة الكلمة لا ينزلون إلا بالروحانيين

الشاهد:
قال تعالى " تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا "    
  فالروحاني لا ينزل الا مع الملك الكوني لتكون علاقته معه كعلاقة الروح للجسد.

النتيجة:-                                                                                                                                                 - قال تعالى "قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا"الإسراء

- وقال"لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين " الحجر

- وقال:وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ"الأنعام

- وقال" يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِي"النحل

-وقال"تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ"المعارج ( مساواة التوقيت لوحدتهم). 
-------------------------------------------------------------
الخلاصة: 
قول الرسول : "فقال ان الروح لا يلقى الروح ،،،".يثبت أن الروحانيين لايلقون كلام الله فهناك الملائكة المخلوقين بكن (كالملقيات ذكرا )،يلقون امر الله بالكلمة( كقوله تعالى وكلمته القاها الى مريم ) ، 
اما الروحانيون فهم ينفخون وينفثون بالإيحاء كالقرآن.

استثناء:
  في قوله تعالى  :  ((( يلقي الروح ))) "من أمره" على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق)) .
فالروح لتلقى كما قال المصطفي صل الله عليه وسلم. ،ولكن في هذه الآية  تبين ان للإلقاء كان للملك الكوني ( بقوله من أمره اي بكن )  وبداخله الروح كليلة القدر في الحديث الصحيح عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال : "الرُّوحُ مِنَ اللَّهِ ، وخَلْقٌ مِنْ خَلقِ اللَّهِ وصُوَرٌ كبني آدمَ ،(لا ينزل ملَكٌ إلا ومعه واحدٌ منَ الرُّوحِ)"

الراوي: - المحدث: ابن حجر العسقلاني -المصدر: فتح الباري لابن حجر - الصفحة أو الرقم: 8/254 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح قال تعالى {تنزل الملائكة والروح فيها...)
-------------------------------------------------------------
النتيجة:
ان الله يلقى الملك الكوني من السماء، ويكون الملك الروحاني متلبس بجسده  .
 قال تعالى (((تتنزل الملائكة والروح فيها)) (فالروحانين لاينزلون الا (بالملائكة الكونيين) كما ذكر في الحديث 
القول في تأويل قوله تعالى قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا
 وقوله قوله تعالى (ما ننزل الملائكة إلا بالحق)
-------------------------------------------------------------
الشاهد: لذلك تلبس على النصاري فهم يعرفون ان روح القدس هو الذي جاء بالنفخة وتسمي عندهم (الاهوت ) ،،،،،،

اما كلمة الله ( الناسوت ) فلا يعلمون من اين جاءت الى اليوم.
 وقد أوضحها الله تعالى في قوله( وكلمته القاها الى مريم وروح منه) 
ليكون الروحاني مصحوبا مع الملك الكوني متلبسا في  جسده لتكون العلاقة بينهما كعلاقة الروح بالجسد.
-------------------------------------------------------------
الخلاصة :
في قوله :(وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ)النساء  هناك أمرين لله في التخليق لعيسى:
-------------------------------------------------------------
&- أمر الله بالكلمة ( بكن) لتخليق الجسد: 
حيث ألقيت الكلمة من السماء بالملك الكوني ( والملقيات ذكرا) حيث كانت كلمة  الله لخلق عيسى مستودعه في السماء من بعد يوم الأشهاد"وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ "،،،  لتصبح الكلمة  في رحم مريم ( ذَر " بذرة خلق الجسد" )

&- وأمر الله بالنفخ: 
لينفخ  في الكلمة  التي ألقيت برحم مريم وذلك  بواسطة الملك الروحاني " روح القدس في قوله تعالى ( أرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بَشَرا سويا)
-------------------------------------------------------------
لينفخ الملك الروحاني في الكلمة المخلوقة بكن واستقرت برحم مريم عليها السلام لأجل ثلاث أشياء :-

١- أحياء الذر(بذرة القوم الأولين) لخلق الجسد والتي كانت مستودعة بالسماء من بعد يوم الأشهاد

٢-أحياء (النسمة) بالنفخة فتصير( نفسا) لعيسى والمحمله بالأمانة من يوم خلق الأنفس (ويأتي تفصيلها لاحقا).عن المستودع والمستقر

٣- للوصال مع روح القدس  ليكتسب  التأييد بالقوة قال تعالى (إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ):  قال تعالى:إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَىٰ وَالِدَتِكَ ( إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا ۖ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ ۖ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي (فَتَنفُخُ فِيهَا) فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي ۖ ،وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ۖ وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ (110)المائدة
-------------------------------------------------------------
  الشاهد :
تنقسم أوامر الله تعالي في الخلق جميعا . الى قسمين :

اولا :امر الله بالكلمة وكلمة الله ( كن ): 
وعليه (ملائكة كونيين) لتنفيذ أمره بكن بالألقاء( كالملقيات ذكرا) لتلقى كلمه الله في رحم مريم عليها السلام لتخليق الجسد لعيسى عليه السلام  

ثانيا: امر الله بالنفخ : 
وعليه (الروحانيين) لتنفيذ امر الله ولكن بالنفخ. لينفخ الروحاني في الكلمة ليحيها بالروح

النتيجة : 
وكذلك باقي البشر (فكلمة الله) تأتي بالذر عبر ادم وَذُرِّيَّتِهِ بالتناسل عبر الأباء وليس من السماء كما أتت لعيسى عليه السلام ثم يأتي الروحاني (فينفخ الروح ) في النطفه ليحيها.
-------------------------------------------------------------
الخلاصة::
كان نزول روح القدس لمريم (لإلقاء "كلمة الله" وهي النسمة والبذرة )وذلك بواسطه  الجسد الملائكي الذي يتلبسه )(لينفخ الروح) في الكلمة التي ألقيت وكذلك (لأكسابه الوصال مع السماء "لنفخة التأييد" التي تكسبه القوة بالوصال مع السماء)  ليكون عيسى عليه السلام (روحانيا) فتظهر (الرؤية والكلام ) من خلال جسده كحجاب نور مثل باقي الروحانيين ويظهر ذلك في كلام الله المباشر من (خلال جسد عيسى) للحواريين :
قال تعالى " قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ  إِنِّي مُنَزِّلُهَا ((عَلَيْكُمْ ۖ)) فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ (مِنكُمْ) فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)المائدة( ويأتي الشرح لاحقا)

الشاهد:
- قال تعالى"إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَ(كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا) إِلَى مَرْيَمَ (وَرُوحٌ مِنْهُ) …"النساء
- قال تعالى "وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا (فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا) وَصَدَّقَتْ "بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا") مريم
وقال تعالى"فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا (رُوحَنَا) فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا(17)مريم (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(19)مريم.

المصطلحات:
- امر الله بالكلمة وكلمة الله ( كن ) لتخليق الجسد : وتسمى بالمسيحية  ( النسوت )
- امر الله بالنفخة لتخليق الروح :                    وتسمى  بالمسيحية ( اللاهوت )

.________________________________________________________________
ماذا قال اهل الكتاب عن طبيعة خلق عيسى عليه السلام :
------------------------------------------ 
اختلف اهل الكتاب في أوامر الله في خلق الانسان سواء في تعريفها او بالخلط بينها وبين الآله بأراء مختلفة

مزمور باكر (مز32: 9،6):- 
"بكلمة الرب تشددت السموات، وبروح فيه كل قواتها، لأنه هو قال فكانوا، هو أمر فخلقوا. هلليلويا " بكلمة الرب (المسيح هو الكلمة) تشددت السموات= هو خلقها ويحفظها (عب3:1) ونسمع فيها أن حامل كل الأشياء بكلمة قدرته. (فالمسيح الكلمة) (يو1:1) هو خالق الملائكة والبشر. والكاروبيم من طغمة الملائكة. (وبروح فيه كل قواتها)
= هذه مثل به كان كل شيء وبغيره لم يكن شيء مما كان (يو3:1)

&- مثال اتحاد النفس والجسد:
صورة في موقع الأنبا تكلا: القديس أغسطينوس أسقف هيبو
وقد استخدم هذا التشبيه القديس كيرلس عامود الدين، والقديس أوغسطينوس، وعدد كبير من علماء اللاهوت القدامى والحديثين.
وفى هذا المثال تتحد طبيعة النفس الروحانية، بطبيعة الجسد المادية الترابية، ويتكون من هذا الاتحاد طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية.
هذه الطبيعة التي ليست هي الجسد وحده، ولا النفس وحدها، وإنما هما الاثنان معًا متحدين بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيير ولا استحالة. فما استحالت النفس إلى جسد، ولا استحال الجسد إلى نفس، ومع ذلك صار الاثنان واحدًا في الجوهر وفي الطبيعة، بحيث نقول إن هذه طبيعة واحدة وشخص واحد.
فإن كنا نقبل مثال اتحاد (النفس والجسد) في طبيعة واحدة، فلماذا لا نقبل اتحاد اللاهوت والناسوت في طبيعة واحدة؟ ،،

&- طبيعة واحدة وطبيعتين:
هنا ونطرح سؤالًا هامًا بالنسبة إلى تعبير طبيعة واحدة وتعبير طبيعتين
 ألا نعترف كلنا أن هذه التي نسميها طبيعة بشرية، كانت فيه قبل الاتحاد طبيعتان: هما النفس والجسد. ومع ذلك فالذين يستخدمون تعبير (الطبيعتين) اللاهوتية والبشرية، لا يتكلمون عن طبيعة النفس وطبيعة الجسد، إنما عن طبيعة واحدة بشرية في المسيح. فإن كان لابد من التفصيل، فإن هذا سيؤدى إلى أن في المسيح ثلاث طبائع!!! هي اللاهوت، والنفس، والجسد، وكل من هذه الطبائع له كيانه الخاص وجوهره الخاص.. وطبعًا لا يقبل أحد هذا الكلام، لا هذا الجانب ولا ذاك.
أما إن قبلنا اتحاد النفس والجسد في طبيعة واحدة في المسيح، واستخدمنا هذا التعبير لاهوتيًا،

 ومع أن الإنسان تكون من هاتين الطبيعتين، إلا أننا لا نقول عنه مطلقا أنه اثنان، بل إنسان واحد. وكل أعماله ننسبها إلى هذه الطبيعة الواحدة.
 وليس إلى النفس فقط، ولا إلى الجسد فقط. فنقول أكل فلان أو جاع أو تعب أو نام أو تألم ولا نقول إن جسد فلان هو الذي أكل أو جاع أو تعب أو نام أو تألم. والمفهوم طبعًا أنه جاع أو نام بالجسد.. لكننا ننسب هذا الأمر إلى الإنسان كله، وليس إلى جسده فقط..
 كذلك كل ما كان يفعله المسيح كان ينسب إليه كله، وليس إلى لاهوته وحده أو إلى ناسوته وحده. 
 كما قال لاون في مجمع خلقيدونية (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وسنشرح هذه النقطة بالتفصيل فيما بعد إن شاء الله   ..

 إن اتحاد النفس والجسد، هو اتحاد ذاتي جوهري حقيقي، اتحاد أقنومي، كذلك اتحاد الطبيعة الإلهية للمسيح بالطبيعة البشرية في رحم العذراء، هو اتحاد أقنومي، ذاتي جوهري حقيقي. وليس مجرد اقتران أو مصاحبة كما يزعم نسطور.
 ومع أن مثال وحدة النفس والجسد في الطبيعة البشرية هو مثال شامل في أوجه شتى، هي التي قصدناها وحدها، إلا أن هذا التشبيه فيه نقطة نقص، هي إمكانية انفصال النفس عن الجسد بالموت، وعودتها إليه بالقيامة. أما وحدة الطبيعة بين اللاهوت والناسوت في المسيح، فهي وحدة بغير انفصال. فلم ينفصل لاهوته عن ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين.

 من نتائج الإتحاد بين الطبيعتين ما يلي:
أ - الولادة المعجزية للسيد المسيح: من العذراء مريم، فلولا إتحاد اللاهوت بالناسوت لاستحالت الولادة من فتاة عذراء، وتظل بكوريتها مختومة بعد الولادة.. يقول القديس يعقوب السروجي عن السيد المسيح بعد القيامة "دخل إلى التلاميذ والأبواب غير مفتوحة ليريهم أنه لما خرج لم يحل البتولية. دخل العلية كما خرج من البطن لكي لا يتعبوا بالفحص كيف وُلِد" (2)

ب - ظهور الله المتأنس: "والكلمة صار جسدًا" (يو 1: 14) وليس معنى "صار" هنا الصيرورة والاستحالة والتغيُّير من حالة إلى أخرى، لأن الله "ليس عنده تغييّر ولا ظل دوران" (يع 1: 17) ولكن المقصود حين اتخذ الكلمة جسدًا، واتخذ في النص القبطي افتشي ساركس.

وقال القديس أثناسيوس الرسول "إن الجسد والغير جسد اشتركا بالإجماع في طبيعة واحدة، ووجه واحد، وأقنوم واحد، واحد هو، وهو الله والإنسان معًا، وهو هو لا يقبل تغيِيّر ولا استحالة، بل أقنوم واحد، ووجه واحد، وفعل وطبيعة واحدة لله الكلمة الذي صار جسدًا" (1).

وقال البابا كيرلس في الرسالة الرابعة لنسطور "نحن لا نقول أن طبيعة الكلمة تغيَّرت حينما صار جسدًا، وأيضًا نحن لا نقول أن الكلمة قد تغيرَّ إلى إنسان كامل من نفس وجسد. بل بالأحرى نقول أن الكلمة قد وحَّد مع نفسه أقنوميًّا، جسدًا محيًّا بنفس عاقلة وصار إنسانًا بطريقة لا يمكن التعبير عنها أو إدراكها" (2).

ويقول سمعان بن كليل في كتابه روضة الفريد "قال البشير يوحنا والكلمة صار جسدًا وحلَّ فينا. بقوله " والكلمة صار جسدًا " فانه لم يرد بهذا القول أن الكلمة استحال عن كيانه أو تغيَّر عن هيئته فصار جسدًا، بل أراد أن يعلمنا أن الملاك لما بشَّر السيدة البتول اتحد اللاهوت الأزلي بالناسوت الزمني الموجود في فعل الإتحاد إتحادًا حقيقيًا أقنوميًا طبيعيًا إراديًا، لا فرقة معه، ولا تثنية فيه. اتحد الأزلي بالزمني، واللطيف بالكثيف بغير اختلاط ولا امتزاج ولا تغيِيّر ولا استحالة احدهما إلى الآخر، كإتحاد الإنسان من النفس البسيطة والبدن الكثيف (الجسم) وإنسانية واحدة وجوهر واحد وأقنوم واحد، وذاته واحدة وطبيعته واحدة وإرادته واحدة" (3).

وفي القداس الإلهي يصلي الأب الكاهن "أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست، وشابهتنا في كل شيء ماخلا الخطية وحدها" وفي صلوات التسبحة نصلي " لأن غير المتجسد تجسد.. والكلمة تجسَّم.. وغير المبتدئ ابتدأ.. وغير الزمني صار زمنيًا.. غير المدرك لمسوه.. وغير المرئي رأوه.. ابن الله الحي صار.. بشريًَّا بالحقيقة" (لبش الأربعاء).

ونقول أيضًا في طرح واطس ختام شهر كيهك "غير المتجسد تجسد، والغير مبتدئ صار مولودًا، والغير الزمني صار تحت الزمن، وغير المدرك صار محسوسًا، والغير مرئي صار مرئيًا، وابن الله صار ابن بشر بالحقيقة. يسوع المسيح هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد".،،،، اخ
END
انتهى

بقلم المستشار محمد  مجدي رياض عبدالمنعم ادريس 
االمدينة الجوية 

ابو عبدالله 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

معنى قوله تعالى : "يفرقون بين المرء وزوجه"

من اسرار القرآن الكريم والانجيل الحور العين

إيضاح البيان لأسرار القرآن عن معرفة المحكم والمتشابه وسر الحروف المقطعة